الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الإطاحة بآمر الحرس الوطني منير الكسيكسي: قرار تأديبي أم تغيير روتيني؟

نشر في  06 ماي 2015  (11:14)

لئن شكلت اقالة آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي وتعويضه بالعميد لطفي براهم خبرا مهما في الساحتين الأمنية والسياسية ، فان هذا القرار يطرح عديد نقاط الاستفهام، أولها لماذا الآن؟، ولماذا تمت الاقالة دون مساءلة هذا الأخير؟ ولماذا لم توضح وزارة الداخلية في بلاغها أسباب الاقالة وخلفياتها؟ هل هي رغبة في اعادة ترتيب البيت الداخلي للمؤسسة الأمنية أم هو مجرد تغيير روتيني ؟
منير الكسيكسي اسم حامت حوله عديد الشكوك ورافقته عديد الاتهامات خاصة من قبل النقابات الأمنية، ورفعت ضده عديد القضايا، التي لم يتم النظر فيها الى حدّ الآن.. وها انه ينسحب من المشهد الأمني مخلفا وراءه سيلا من التساؤلات..
اتهامات عديدة وجهت لآمر الحرس الوطني الوطني لعل أبرزها والتي نستحضرها هي اتهامه بمحاولة اختطاف عون أمن، وكذلك  إرسال 40 طنا من الأدوية المخصصة للأمنيين لقبائل الزنتان وتحديدا لجهات قد تكون إرهابية، واتهامه بالانتماء الى تنظيمات سلفية جهادية، كما نذكر بمقاضاته من قبل نقابات أمنية على خلفية سقوط 6 شهداء في العملية الارهابية بسيدي بوزيد وشهيد آخر في منزل بورقيبة، اضافة الى اتهامه بالوقوف وراء مخطط حاول استهداف شخصيات وطنية وسياسية قبل الانتخابات التشريعية الفارطة .
 كما سبق لكاتب عام نقابة الأمن الجمهوري محمد الرويسي أن اتهم آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي بمحاولة القصاص من الأمنيين الأربعة الذين تم ايقافهم عن العمل، بسبب الحراك الاحتجاجي الذي تم شنه من قبل عدد من الأمنيين والذي رفع فيه شعار الرحيل في وجه آمر الحرس بالعوينة.
ولعل من أبرز الانجازات التي قام بها آمر الحرس الوطني منير الكسكسي والتي يجب أن نحييه عليها من باب القول «للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت» هي نجاح عملية سيدي يعيش بقفصة حين قضت قوات خاصة من فرقة الحرس يوم 29 مارس 2015 على 9 عناصر ارهابية من بينها قائد ما يسمى بكتيبة عقبة ابن نافع وهو الجزائري لقمان أبو صخر و8 من الذين كانوا ينوون جلب سيارات مفخخة من القطر الليبي.
منير الكسيكسي شخصية مثيرة للجدل وقع التخلي عن خدماتها، فهل تم ذلك بعد كشف تورطه في كل ما أشرنا اليه أعلاه، أم هو مجرد تغيير روتيني لتكليف هذا الأخير بمهام أخرى.. أخبار الجمهورية بحثت في الورقة التالية عن حيثيات هذه القرار.

توضيح رسمي: قرار الإعفاء تغيير روتيني

من جانب آخر بادرنا بالاتصال بمصدر أمني رفيع المستوى، وقد أكد لنا هذا الأخير أن قرار اعفاء آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي من مهامه وتعويضه بالعميد لطفي براهم، هو قرار عادي وأن هذه التغييرات على مستوى القيادات الأمنية هي تغييرات روتينية لم تكن تكشف للرأي العام، وأن الافصاح عنها جاء اثر تداول الخبر مرفوقا بتبريرات متباينة.
وأضاف مصدرنا أن القرار الأخير يندرج في اطار التداول على المسؤوليات وفي اطار التغييرات الأخيرة التي شملت عديد القيادات، وأن أفضل دليل على صحة ما صرّح لنا به هو تكريم وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي بداية الأسبوع لآمر الحرس الوطني السابق منير الكسيكسي.

عصام الدردوري: من غير المستبعد تعيين الكسيكسي في إحدى الخطط الأمنية رفيعة المستوى

تعليقا منه على قرار اقالة آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي وتعيين العميد لطفي براهم خلفا له، أكد رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن عصام الدردوري، أن هذه الاقالة لا تغني ولا تسمن من جوع طالما لم تتم مساءلة الكسيكسي جزائيا.
وأكد الدردوري في حديث جمعه مع أخبار الجمهورية أن المنظمة سبق لها وأن أثارت جملة من القضايا ضد آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي، وأن جميع هذه القضايا تكتسي صبغة ارهابية، وآخرها قضية تتعلق بارسال الأدوية الى جهات متطرفة بليبيا بايعاز سياسي على حد تعبيره.
كما أفاد محدثنا أن قاضي التحقيق 12 تعهد بقضية تقدمت بها المنظمة حول امكانية تورط آمر الحرس السابق في مخطّط كان يحاول استهداف شخصيات وطنية وسياسية، مبينا في نفس السياق أن تعامل الجهات القضائية مع التهم الموجهة لمنير الكسيكسي كان بطيئا وثقيلا.
وذكر رئيس المنظمة التونسية للأمن والمواطن أن بحوزة المنظمة ما يفيد أن منير الكسيكسي سبق له أن أسدى تعليمات للوحدات الأمنية العاملة بالمناطق الحدودية الغربية والتي تشهد تحركات الجماعات الارهابية بالاكتفاء بالقيام بالمهام الأمنية خلال القترة النهارية فقط وتفادي ذلك ليلا، وهي نفس التعليمات التي أوصى بها أحد المديرين العامين للأمن الوطني سابقا، وأكد الدردوري أن المنظمة على استعداد لتقديم جل هذه المعطيات الموثقة للجهات الرسمية اذا وجدت فيها تعاملا ايجابيا ومسؤولا مع هذه الملفات الخطيرة خصوصا أن لها علاقة مباشرة بانتشار الجريمة الارهابية وتسهيل تحرك هذه الجماعات خصوصا في الليل.
كما ذكر محدثنا  أنه من غير المستبعد أن يقع تعيين الكسيكسي في إحدى الخطط الأمنية رفيعة المستوى خارج التراب التونسي مثلما حدث مع المدير العام للتكوين (وهو ابن خالة أبو عياض) الذي عيّن على رأس البعثة الأممية في دولة افريقية رغم تعدّد الملفّات الكارثية المتعلّقة به
أما بخصوص العميد لطفي براهم الذي عُيّن خلفا للكسيكسي، فأكد محدثنا أنه يعدّ من أبرز كفاءات الإدارة العامّة للحرس الوطني وهو أقدم الضبّاط السامين في هذه الإدارة وسبق له أن تقلّد عديد الخطط القيادية في أغلب ولايات الجمهورية تقريبا على المستويين المركزي والجهوي وشغل على امتداد سنتين خطّة مدير عام للمرصد الوطني للمرور، مضيفا أن آمر الحرس الوطني الجديد وفق الآراء المتداولة يحظى بثقة الجميع من أبناء سلك الحرس الوطني وأبناء المؤسسة الأمنية.
وختم عصام الدردوري حديثه بقوله:»سنطرق كمنظّمة باب الآمر الجديد من باب المسؤولية لوضع جسر للتواصل خدمة للمصلحة العامّة وبغية إيجاد حلول للوضعيات التي تُطرح علينا وسيكون تعاملنا على أساس موضوعي وسنقول له أخطأت عندما يخطئ وأنّه أصاب عندما يصيب. وهي نفس المنهجية التي أردنا اعتمادها وتوخّينا جزءا منها مع سلفه الذي كان أذنا صمّاء».

الحبيب الراشدي: قرار أنهى حقبة زمنية من تاريخ تونس

من جهته أكد كاتب عام جمعية مراقب الحبيب الراشدي لأخبار الجمهورية أن هذه الخطوة تفيد أن الارادة السياسية قررت انهاء حقبة زمنية من تاريخ تونس، مضيفا أنه برحيل منير الكسيكسي يمكن الجزم بأن الارهاب راحل والى الأبد، وطالب الراشدي بضرورة مساءلة منير الكسيكسي.
وذكر الراشدي أنه سبق له أن كشف عن عديد التجاوزات لمنير الكسيكسي خاصة في تعامله مع ملف الارهاب،انذاك ... وملف الأدوية المرسلة الى ارهابيي ليبيا، مشيرا الى أنه وقعت مهاجمته انذاك من قبل أطراف نقابية تعمل لصالح منير الكسيكسي  

من هو آمر الحرس الوطني لطفي براهم؟

العميد لطفي براهم هو من مواليد سنة 1962 ومتخرج من الأكاديمية العسكرية (شعبة حقوق)
تقلد العديد من المسؤوليات المركزية صلب الإدارة العامة للحرس الوطني وترأس العديد من مناطق وأقاليم الحرس الوطني في مختلف جهات البلاد.كما تحصل براهم على عديد الشهائد في الكفاءات القيادية من مدارس أمنية وعسكرية وشارك في تربصات في الاختصاص الأمني بكل من تونس والخارج.
وشغل براهم سابقا خطة مدير عام المرصد الوطني لسلامة المرور.

عماد الدايمي والدفاع المستميت عن منير الكسيكسي

ومن بين الأشخاص الذي سارعوا للدفاع عن آمر الحرس الوطني بمجرد اعلان خبر اقالته والذين ساءتهم هذه الخطوة، نذكر أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أكد أنه سيطالب بصفته عضوا في لجنة «الأمن والدفاع» في مجلس نواب الشعب بالاستماع الى وزير الداخلية وكاتب الدولة المكلف بالأمن حول التعيينات الأخيرة في قيادة الأجهزة الأمنية خاصة التعيين الأخير في الادارة العامة للحرس الوطني وكذلك حول سياسة الوزارة في مسألة الترقيات التي أثارت الكثير من اللغط في مختلف الأسلاك الأمنية، حسب ما جاء في تدوينة نشرها الدايمي في صفحته الرسمية بالفايس بوك
 وأكد الدايمي أنه من حق نواب الشعب أن يعرفوا مبررات الوزارة في تغيير قيادة سلك أمني حقق نجاحات باهرة خلال الأسابيع القليلة الماضية خاصة عملية سيدي يعيش بقفصة مضيفا أنه من حق نواب الشعب أن يُسائلوا أصحاب القرار عن مدى مصداقية الاتهامات التي كيلت للضابط السامي المعزول من طرف «نقابيين أمنيين» بالانتماء الى ما أطلق عليه الأمن الموازي، وتلك التي تكال اليوم للقيادي الذي عُيِّن في مكانه شخص معروف بالولاء ل «أمن مواز آخر» مرتبط بلوبيات مصلحة وقريب من دوائر حزبية معينة.
وأضاف الدايمي أنه من واجب أصحاب القرار تبرير خيارهم بشكل يُسكت أي تشكيك في النوايا والأهداف وأي ربط للقرار بأبعاد جهوية وأي اتهام بالارتهان الى قرار جهة نافذة من وراء الستار.
وختم بالتأكيد أنه من واجبهم تقديم كل الضمانات بأن التعيينات الأخيرة لن تعيد البلاد والمؤسسة الأمنية الى مربّع تعيينات الولاء والجهويات.
ختاما، نؤكد أنه ليس أن مشمولاتنا محاسبة هذا القيادي الأمني أو ذاك، لكننا نكتفي بطرح تساؤلات واستفسارات تتداول سرّا ومن شأنها -في حال توضّحها- أن تنير الرأي العام ونطالب بتوضيحات بعيدا عن المساءلة، في انتظار أن تتكفل الجهات القضائية بمساءلة كل من تحوم حوله الشكوك .

إعداد: سناء الماجري